مقالة فلسفية حول "موضوع التفكير الفلسفي"

ابو محمد المعتصم
الصفحة الرئيسية
الحجم


مقالة مقارنة

قارن بين التفكير العلمي والتفكير الفلسفي





مقالة فلسفية حول التفكير الفلسفي










طرح المشكلة:

يقول جون ديوي إن التفكير لا ينشأ إلا إذا وجدت مشكلة وأن الحاجة إلى حل أي مشكلة هي العامل المرشد في عملية التفكير، فالتفكير بشكل عام مرتبط بالمشكلة التي يطرحها الوجود الإنساني، سواء كانت عقلية خالصة أو واقعية مادية، مما يدفع بالعقل البشري إلى إبداع ما يلائم كل منها، أو ما يصطلح عليه بالتفكير العلمي المادي والتفكير العقلي الفلسفي، لكن إذا كان أحدهما متمايز عن الآخر. فهل ينفي هذا قيام تشابه بينهما؟ ثم ما طبيعة العلاقة بينهما؟




 

محاولة حل المشكلة:



أوجه الاختلاف: 

يختلف التفكير العلمي عن التفكير الفلسفي في عدة مستويات أهمها التعريف، فقد نقول عن التفكير العلمي أنه الاعتقاد الجازم بمطابقة الحقائق المحصل عليها عبر التجريب للواقع، فيمكن القول عن التفكير الفلسفي بأنه الاعتقاد الجازم بمطابقة الحقيقة المدركة بالعقل للمقدمات التي تقوم عليها، وإذا كان التفكير العلمي يعنى بالظواهر والأحداث المادية المحسوسة والواقعية كرصد النشاط البركاني و الأفلاك السماوية، فإن التفكير الفلسفي يدرس القضايا الماورائية المجردة والمعنوية كالأخلاق والمسؤولية، هذا الموضوع يفرض على التفكير العلمي اعتماد الدراسة التجريبية المنظمة القائمة على الملاحظة والتجربة والفرضية، في الوقت الذي يتوجب على التفكير الفلسفي الاعتماد على التحليل والتركيب والنقد أو التأمل العقلي، التفكير الفلسفي يجيد التعامل مع القضايا العامة الشمولية الكلية، في الوقت الذي تتوقف فاعلية التفكير العلمي عند مستوى الجزئيات والقضايا الخاصة ويعبر عن هذا بعينة الدراسة، يهدف التفكير العلمي إلى تعميم نتائجه الدقيقة نسبيا، في الوقت الذي ينتقل التفكير الفلسفي من عام إلى خاص في قضايا لا يعوزها الاختلاف والتعدد.

أوجه التشابه:






تعدد مستويات الاختلاف بين التفكير العلمي والتفكير الفلسفي لا ينفي إمكانية قيام أي تشابه بينهما. ومن أبرزها أن نتائج كل منهما نسبية تعوزها الدقة والمطلقية، وهي في حاجة دائمة إلى مراجعة وتصحيح مستمر، يقول عبد الرحمن مرحبا " هكذا نرى أن الاختلاف ليس وقفا على الفلسفة بل يدخل في صميم العلم أيضا " كلاهما نمط متميز من التفكير يخص الإنسان وحده دون غيره من الكائنات، كل منهما يعبر عن فضول الإنسان الدائم ورغبته في إدراك ما يحيط به، كلاهما يولد في الإنسان التوتر العقلي والمنطقي والاجتماعي والنفسي، كلاهما يعتمد على مبادئ العقل كالهوية و عدم التناقض والسبب الكافي، كلاهما يساهم في رقي الإنسان وتطوره الحضاري والثقافي.





مواطن التداخل:

وجود مستويات للاختلاف وأخرى للتشابه بين التفكير العلمي والتفكير الفلسفي، تؤكد قيام علاقة فيما بينهما وهي علاقة وثيقة و صلة حميمة تكاملية ، و علينا أحترم هذا الاختلاف بين طبيعة التفكير العلمي و التفكير الفلسفي دون اختزال أحدهما في الأخر، فما بينهما اختلاف لكن لا يؤدي إلي التعارض و الصدام، يقول كلود برنارد: إن الفلسفة وقد حرمت من سند العلم واتزانه تصعد إلى حيث لا يبلغ النظر وتضل في الغيوم، كما أن العلم وقد بقي بدون إرشاد الفلسفة وبدون طموح يسقط أو يتوقف أو يبحر حيثما اتفق.





حل المشكلة

التكامل الوظيفي يعبر عن أرقى صور العلاقة بين التفكير العلمي والتفكير الفلسفي يرى محمود زيدان أن العلم والفلسفة ليس أحدهما غريبا عن الآخر، الفلاسفة منشغلون منذ أقدم العصور بالعلم الطبيعي …. و كثيرا ما يخرج العلماء من ميدان بحثهم العلمي ، و تشدهم مشكلات فلسفية، وبذلك يهتم الفلاسفة بأبحاث العلماء كما يهتم العلماء باتخاذ مواقف فلسفية، هكذا ندرك إن التفكير وإن كان ميزة الإنسان الجوهرية ، فليس من واجبه الفصل بينما هو مادي " التفكير العلمي " وبين ما هو معنوي " التفكير الفلسفي، فهما روافد المعرفة الإنسانية التي يسعى الإنسان جاهدا في كشف اسرارها.


google-playkhamsatmostaqltradent