من التفكير الفلسفي إلى التفكير العلمي

طرح العقل اليوناني في البداية أسئلة تتعلق بأصل الوجود، وناقشها دون تمييز بين ما هو علمي وما هو فلسفي، فذهب البعض إلى العناصر الأربعة، والبعض الاخر والجوهر العاقل، ومنهم من ذهب إلى الذرة أو العدد ... وهنا نقف على إرهاصات التفكير العلمي وبوادر التفكير الفلسفي، ثم جاء العقل الحديث و المعاصر، فوضع حدود فاصلة بين ما يمكن وصفه بالعلمي، وما يعتبر فلسفي، كما رفض أي مزج بينهما. فما هو التفكير العلمي؟ وما هو التفكير العلمي؟ وما خصائص كل منهما؟ وهل بينهما علاقة؟

التفكير الفلسفي

الفلسفة لغة: هي لفظ يوناني، يتألف من قسمين، و تعني حبُّ الحكمة

اصطلاحا: لها تعاريف كثيرة مختلف بالنظر إلى الزمان أو المكان والمعتقد الذي يأخذه هذا الفيلسوف أو ذلك

منها العلم بالوجود لما هو موجود. أرسطو

العلم بالحقائق المطلقة الكامنة وراء هذا الوجود. أفلاطون

فعل الفلسفة ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع، كلما كانت المعرفة بالموجودات أتم كانت المعرفة بالصانع أتم. بن رشد

هي نمط متميز من التفكير، تعتمد على العقل في حل القضايا المتعلقة بالإنسان.

هي دراسة نظرية لمسائل الوجود والمعرفة والقيم، ومحاولة الإجابة عن التساؤلات التي تفرزها موضوعاتها.

خصائص التفكير الفلسفيّ: يتميز التفكير الفلسفي بالخصائص التالية:

تفكير نقديّ: 

حيث يعتمد على تمحيص الحقائق والشكّ المنهجيّ، فهو يبدأُ بالشك، والشكّ لا يكونُ بالنفي، أو الرفض والإنكار، أو للشك في حد ذاته، بل هو مجرد وسيلة تدعو إلى التروّي في إصدار الأحكام إلى حين الإثبات والتمحيص.

تفكير تجريدي:

 وهو أن يقومَ التفكيرُ الفلسفيّ على دراسة المفاهيم التي تُعتبر عامة، ومُجردة، وليست ماديّة واقعيّة، لذا فالأحكام الفلسفيّة، هي أحكام وجوبية، وليست أحكام وجوديّة، وبذلك فهو يختلف عن التفكير العلميّ الذي يدرس الظواهر الطبيعيّة الماديّة.

تفكير كليّ: 

التفكير الفلسفي يدرسُ الموضوعات الشمولية والمفاهيم العامة المُجرّدة، ولا يدرسْ الظواهر الماديّة المحسوسة، يقول أرسطو أنّ الفلسفة هي علم الكُليات، فمثلا للحديث عن الحرية لا نربطها بهذا الشخص أو ذلك، أو بهذا العصر أو ذاك، إنما هي مسألة الإنسان.

تفكير نسقي: 

التفكير الفلسفي تفكير منهجي يسلك العقل خلالها مجموعة من الطرق التي لا تخضع إلا لموافقة العقل، أو تطابقه العقل مع نفسه.

التساؤل المستمر: 

الذي يعبر عنه بالفضول المعرفي الناتج عن المبالغة في الاهتمام بالتساؤلات، ولذا قال كارل ياسبرس "أن الأسئلة في الفلسفة أهم من الأجوبة، وأن الجواب بدوره ينقلب إلى سؤال جديد"




التفكير العلمي

تعريفه هو البحث في الظواهر المختلفة "طبيعية بيولوجية إنسانية" من أجل اكتشاف العلاقات الثابتة التي تتحكم فيها أو القوانين التي تفسرها، وهي أصدق تعبير عن المعرفة العلمية وخصائصها.

خصائص المعرفة العلمية

يسعى العالم لتجاوز المعرفة العامية، فيقيم إدراكه للأشياء على أسس مختلفة، فما هي إذن خصائص المعرفة العلمية؟


معرفة كمية:

 تخلى العلماء عن وصف الظواهر إلى تحديدها في مقادير كمية تعبر عن العلاقات القائمة بين الظواهر، وصياغتها صياغة رياضية مجردة، ولهذا قيل: " لا علم بدون كميات قابلة للقياس".

التعميم :

 العلماء لا يدرسون كل الظواهر المتشابهة بل بعضها فقط، رغم ذلك يستخلصون الأحكام العامة ويطبقونها على الظواهر الأخرى المشابهة بغض النظر عن الزمان والمكان.، مما يعني أن المعرفة العلمية تتميز بدورها بالكلية والشمول.

النسبية:
العلم في تطور مستمر، كون نتائجه تختلف من زمان لآخر، والمعرفة العلمية ليست ثابتة أو مطلقة ، قوانين القرن 16 أو 17 تغيرت وتطورت في القرن 18 أو 19، وهي بدورها قد تغيرت في القرن 20.