مقالة فلسفية، حول العلاقة بين المشكلة والإشكالية

ابو محمد المعتصم
الصفحة الرئيسية


السؤال قارن بين المشكلة والإشكالية

الطريقة: مقارنة







مقالة فلسفية، حول العلاقة بين المشكلة والإشكالية









طرح المشكلة:

في أحيان كثيرة نستخدم لفظ مشكلة للتعبير عن قضايا معرفية تختلف مضامينها، فقد تكون قضايا بسيطة جزئية، يمكن الترجيح فيها، وقد تكون مسائل معقدة مبهمة متداخلة، هي أقرب إلى المعضلة "إشكاليات" الفكرية التي يصعب الترجيح بينها، مما يعني أنها مصطلحات متداولة غالبا ما يخلط الناس فيما بينهما، فإذا كانت المشكلة تختلف ظاهريا عن الإشكالية. فهل هذا يعني عدم وجود أي مستويات للتشابه أو قواسم مشتركة بينهما؟ ثم ما طبيعة العلاقة بينهما ؟





محاولة حل المشكلة:

أوجه الاختلاف :

إذا تأملنا طبيعة كل من المشكلة والإشكالية لأدركنا مستويات الاختلاف الكثيرة بينهما، ومن أبرزها المفهوم، فيمكن القول عن المشكلة "مشكلة الديمقراطية" بأنها مسألة محدودة المجال محصورة الموضوع، مطروحة طرحا عقليا، في حين أن الإشكالية هي المسألة التي تثير نتائجها الشكوك فتحمل على الإثبات أو النفي أو الجمع بينهما، إذا كانت المشكلة "مفهوم الديمقراطية" تتمظهر على شكل سؤال جزئي، يبحث عن قضية واحدة تدعو إلى البحث عن حل مقنع بطريقة أو بأخرى فإن الأمر مختلف بالنسبة للإشكالية "تجسيد الديمقراطية مع الخصوصيات المحلية لكل دولة" التي تتمظهر في جملة تساؤلات عامة توحي بالتعقيد وتعدد الآراء واحتمالية الحلول. تتألف المشكلة من قضية جزئية واحدة، أما الإشكالية فتتألف من جملة قضايا مترابطة فيما بينها غير واضحة المعالم، ولعل أبرز مستويات الاختلاف بين المفهومين أن الإشكالية تولد في النفس قلقا فكريا يبلغ مستوى الإحراج ومشقة الشك، بينما المشكلة تبلغ مستوى الدهشة الفكرية.


أوجه التشابه:

وجود مستويات الاختلاف الكثيرة بين المشكلة والإشكالية لا تعني بالضرورة انتفاء التشابه، والقواسم المشتركة بينهما، ومنها أن المفهومين يأتيان من نفس الاشتقاق اللغوي أي فعل ( أشكل ) ومعناه التبس عليه الأمر و أصبح غامضا مبهما، كما يلتقيان في النشاط كونهما يثيران الإنسان بعدا انفعاليا، ويحفزان فضوله المعرفي ويدفعانها إلى التفكير وإلى طلب المعرفة ودفع الجهل عن نفسه، زيادة على ذلك فمصدرهما واحد، وهو العقل البشري الذي يعبر عن كل ما يعترض حياته المادية أو المعنوية بطرح تساؤلات مختلفة من جهة درجة التعقيد، يصاغان صياغة استفهامية على الأغلب، بالإضافة إلى كونهما يعبران عن وضعية مقلقة محرجة تقتضي استخدام العقل وملكاته العليا "ذكاء تذكر تخيل …".



مواطن التداخل

بعد الحديث عن مستويات تشابه ومواطن أخرى للاختلاف والتباين يتبين لنا أن بينهما علاقة تبرز في صورة علاقة الكل بالجزء، أين تمثل الإشكالية تلك القضية الكلية التي تتألف تحتها مجموعة من القضايا الجزئية هي نفسها المشكلات، وهو ما يعني أن المشكلة جزء من الإشكالية، ولا يمكن إدراك الكل إلا من خلال عناصره وأجزائه، كما أن غياب الكل يعني بالضرورة غياب العلاقة القائمة بين هذه العناصر الجزئية، وبالتالي لا معنى للجزء "المشكلة" في غياب إطار عام "اشكالية" ينظمه.




حل المشكلة :

الدراسة المبدئية لكل من المشكلة والإشكالية توحي بالاختلاف دون غيره، لكن النظرة التأملية تؤكد وجود التشابه والتداخل بينهما، والإشكاليات تعبر عن جوهر الفكر الفلسفي الذي لا يمكن الاقتراب من حله إلى عبر مجموعة من المشكلات الفرعية، لذا يمكن القول أن الأصل هو الإشكالية التي تعد بمثابة، جذع شجرة تتفرع منها أغصان كثيرة هي بمثابة مشكلات جزئية فرعية، لكنها ضرورية للوصول لأعلى الشجرة.

google-playkhamsatmostaqltradent