قارن بين العادة والغريزة.
طرح المشكلة :
زود الله عز وجل الكائنات بمجموعة الأفعال المتباينة من جهة طبيعتها وأغراضها ومصدرها، لعل أبرزها على الإطلاق أفعال الطبيعة الأولى، بالإضافة إلى أفعال أخرى هي أقرب إلى الطبيعة الثانية كما يقول أرسطو. فإذا كانت أفعال الطبيعة الأولى "الغريزة" تختلف عن أفعال الطبيعة الثانية "العادة". فهل ينفي هذا وجود تشابه بينهما؟ ثم ما طبيعة العلاقة بينهما؟
محاولة حل المشكلة:
أوجه الاختلاف :
محاولة حل المشكلة:
أوجه الاختلاف :
إذا كانت حقيقة العادة تنحصر في كونها تلك القدرة المكتسبة التي تساعدنا على الاقتصاد في الجهد والوقت، فإن الغريزة هي ذلك السلوك الذي يقوم به أفراد النوع الواحد، على نمط واحد من غير خبرة ولا تعلم، ولا إطلاع على غاية الفعل، وإذا كانت الغريزة توصف بأنها طبيعة أولى لكونها فطرية لدى الكائن الحي، فإن العادة طبيعة ثانية لكونها مكتسبة عن طريق التعلم والممارسة، إذا كان دور الغريزة يقتصر على الجانب البيولوجي الحيوي للإنسان "الشروط الأساسية للحياة كالأكل والشرب والنوم … "، فإن العادة تتجاوز ذلك لتشمل جميع مجالات الحياة، اكتساب عادة ما يتوقف على الشعور والوعي والتفاعل بين مختلف ملكات العقل، بينما لا تحتاج الغريزة ذلك فهي جبلة الكائن الحي، تتميز أفعال العادة بشيء من المرونة وقابلية التغيير مما يسهل على الفرد تطويرها أو الكف عنها، وكثيرا ما تخلى الأفراد عن عاداتهم السيئة تحديدا، بينما الغريزة تتميز بالصلابة والآلية مما يجعلها غير قابلة للتغيير أو الكف عنها.
أوجه التشابه :
أوجه التشابه :
وجود مستويات الإختلاف الكثيرة بين العادة والغريزة لا تنفي إمكانية قيام تشابه بينهما فالغريزة و العادة من الوظائف التي زود الله تعالى الإنسان من أجل تحقيق التكيف و التأقلم مع العالم الخارجي من حوله، كلاهما سلوكات مشتركة بين الإنسان والحيوان، كلاهما سلوك آلي يعتمد على تكرار السلوك، كلاهما مرتبط بالجسم و السلوكات الحركية للكائن الحي كلاهما أداة حية أو موت الفاعلة لدى الإنسان على الأقل.
مواطن التداخل:
مواطن التداخل:
وجود مستويات للاختلاف وأخرى للتشابه بين العادة والغريزة، تؤكد قيام علاقة بينهما هي أقرب إلى التداخل في الدور والتكامل في الوظيفة، عندما يتعلق الأمر بالنشاط الإنساني خاصة إذا اعتبرنا "العادة طبيعة ثانية " كما قال أرسطو، ويعود ذلك إلى عدم حاجتنا أثناء ممارستهما إلى الوعي أو التفكير.
حل المشكلة:
حل المشكلة:
نستنتج أن تأمل العادة والغريزة بمعزل عن التعارض الظاهري بينهما يؤكد أن التداخل بينهما أمرا طبيعي، فمهما اختلافا إلا أنهما يشكلان جزءا كبيرا من سلوك الإنسان، وقد يزداد هذا التداخل كلما خلت العادة من الوعي، واستحكمت عليها الآلية و الصلابة، لكنها تتميز عن الغريزة كلما ازداد الوعي وتجسد أكثر في سلوك العادة، على الرغم من تكاملهما في تحقيق التأقلم والتكيف مع العالم الخارجي ومختلف المواقف الطارئة على الإنسان.