مقالة فلسفية حول نسبية نتائج العلوم التجريبية.

ابو محمد المعتصم
الصفحة الرئيسية
الحجم


قيل أن: ﴿ نتائج العلوم التجريبية نسبية.﴾ دافع عن صحة هذه الأطروحة.
العلوم التجريبية

السؤال:

قيل أن: ﴿ نتائج العلوم التجريبية نسبية.﴾ دافع عن صحة هذه الأطروحة.

مرحلة الفهم

بعد فهم مضمون الأطروحة والغرض الرئيسي للسؤال يبدو أن الطريقة المناسبة لمناقشة الموضوع هي:
طريقة: استقصاء بالوضع.

مرحلة التحليل

طرح المشكلة:
شاع بين عامة الناس أن القوانين العلمية الناتجة بعد التجارب العلمية، هي قوانين ثابتة وصادقة صدقا مطلقا، إلا أن حقيقة الواقعية خلاف ذلك، إذ يعتقد الإبستيمولوجيون أن قوانين العلم ليست مطلقة إنما هي نسبية، تتأثر بالزمان والمكان. فكيف يمكن إثبات هذه الأطروحة؟ وما البراهين التي تثبت أن نتائج العلم ليست يقينية إنما هي نسبية؟


محاولة حل المشكلة:


عرض الأطروحة:


إن الباحث في العلوم التجريبية يبدأ دراسته من ملاحظة الظواهر، ثم يتجه على تحليل المركب منها، وما يواجهه من مشكلات ثم يعمل على وضع تعليلات مؤقتة ومن ثمة يتجه إلى التجربة للتحقق من الحادثة المدروسة، وصولا على القانون. لكن هذه القوانين المتوصل غليها ليست يقينية بل تظل نسبية وتقريبية، تقوم هذه الاطروحة على مسلمة مفادها أن العلاقات بين الظواهر متشعبة حيث يستحيل على الباحث الإحاطة بها جميعا. هذا ما يفقد النتائج دقتها ويحولها إلى مجرد احتمالات.

ومما يؤكد هذا أن منطلقات الدراسة الاستقرائية غير مؤكدة ولا معللة كمبدأ السببية و الحتمية والاطراد، فهي لا تقوم على أي سند تجريبيا وهو ما يبرر نسبية النتائج في نظر الكثير من الوضعيين، إضافة إلى ذلك فالاستقراء أو التجريب يدرس حالات معينة ثم يعمم أحكامه على كل الظواهر المتشابهة وليس لدينا أي ضمان على أن صدق الجزء يلزم عنه صدق الكل دائما، يقول كلود برنارد: (يجب أن نكون حقيقة مقتنعين بأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بين الأشياء، إلا بوجه تقريبي كثيرا أو قليلا، وأن النظريات التي نمتلكها هي أبعد أن تمثل حقيقة ثابتة.)

عرض منطق الخصوم ونقده:


غير ان هناك خصوم لهذه الأطروحة منهم جون استوارت مل يؤكدون أن نتائج العلوم التجريبية هي التي تعبر عن اليقين والدقة الموضوعية نتيجة اعتمادها على المنهج التجريبي بشكل صارم، وهي تسعى إلى صياغة نتائجها في أحكام كمية رياضية بغرض الابتعاد عن الوصف والكيفية التي تثير التعقيد والالتباس فالعلوم الفيزيائية قد بلغت أرقى منزلة بين العلوم من جهة الدقة لاعتمادها على التجريب.

لكن هذا الموقف المبالغ فيه لا يتناسب مع الروح العلمية المعاصرة التي تقوم أساسا على فكرة النسبية فالعلم الإنساني ليس نهائيا إنما هو في تطور مستمر، ولإن تاريخ المعرفة العلمية لا يتضمن حقائق مطلقة يقينية ونهائية بقدر ما يتضمن الكثير من الأخطاء التي تم تصحيحها حسب ما يرى غاستون باشلارد.

الدفاع عنها بحجج شخصية:


الأطروحة القائلة بنسبية نتائج العلوم التجريبية صحيحة ، حيث يؤكدها الواقع ويصدقها العقل فالنسبية تعطي العلم الحيوية وتدفعه الى التطور وابحث عن كل ما هو جديد، فالعقل العلمي في نظر غاستون باشلارد يتطور باستمرار ولا يتم ذلك إلا من خلا ل ممارسة الهدم والنفي ثم العودة على البناء والتأسيس من جديد، ثم ان تقدم العلم ودقة النتائج مرهونة بالوسائل فكلما تطورت الوسائل كانت النتائج اكثر يقينا، وعلى العموم فالعقل المعاصر اليوم يرفض الحديث عن المطلق في أي مجال كان ويرى أنه مرتبط بالدراسات المثافيزيقية أما العلوم التجريبية فمن واجبها الإيمان بالاحتمال والنسبية والتقريب.


حل المشكلة:


يبدو لي بناء على منطق التحليل ومن واقع الأحداث والنتائج أن الأطروحة القائلة إن نتائج العلوم التجريبية نسبية في جميع الأحوال أطروحة صحيحة ومشروعة حيث يمكن الدفاع عنها والأخذ بها، ذلك أن قيمة الدراسة التجريبية ومكانتها تأتي مما هي عليه من احتمالية النتائج ونسبيتها وعدم إيمانها التام بفكرة المطلقية.
google-playkhamsatmostaqltradent