تحليل نص فلسفي |
طرح المشكلة:
يندرج النص الذي بين أيدينا ضمن مجال فلسفة المعرفة، حيث يتناول موضوع قيمة الفلسفة وفائدتها، هذا الموضوع الذي ارتبط بظهور الفلسفة ذاتها، وقد استمر البحث فيه إلى العصور المتأخرة، فكان ممن اهتموا بهذا الموضوع العالم الرياضي الفرنسي، والفيلسوف ذو النزعة العقلية رونيه ديكارت (1596/1650) الذي كتب نصه هذا كرد على من يعتقد أن الفلسفة مجرد ترف فكري لا طائل من ورائه، وجب التخلي عنه إلى التفكير الوضعي، من خلال اجابته عن سؤال مفاده: ما قيمة الفلسفة؟ و هل هي ضرورة حقا للوجود الانساني ؟
محاولة حل المشكلة:
موقف صاحب النص:
الحجج البراهين:
النقد والتقييم:
يرى العالم والفيلسوف العقلاني الفرنسي روني ديكارت أن قيمة الفلسفة تتأتى من كونها تتضمن كل معارف الإنسان من فيزيقا وميثافيزيقا أو بعبارة أخرى من فلك و رياضيات أخلاق سياسة ميكانيك... وهنا تظهر قيمتها وفائدتها في الوجود الإنساني، فهي ضرورية لهذا الوجود كونها أرقى خطاب أبدعه عقل الإنسان، ولعل دورها يبرز أكثرفي أرتباطها بالعقل أنبل ما في الإنسان، فهي غذاؤه وهذا ما عبر عنه في قوله: " ينبغي أن يوجه اهتماماته الرئيسية البحث نحو الحكمة "عن الحكمة التي هي الغذاء لحقيقي للفكر.
الحجج البراهين:
أكد صاحب النص موقفه بحجج عقلية ومنطقية بين فيها قيمة الفلسفة وتأثيرها على حياة الإنسان. تمثلت الحجة العقلية في كون الفلسفة مقياسا للتقدم الحضاري والثقافي للمجتمعات، وغيابها يعني التخلف والتوحش، أما على المستوى الفردي فقد قارن الأشخاص الذين يمارسون الفلسفة بغيرهم، وسرعان ما استنتج أن ذلك يحقق لهم منافع معنوية تتمثل في القدرة العقلية على قيادة الذات والسيطرة على المحيط، بينما يظل غيرهم بعيد عن القدرة التفكير السليم والتحكم في محدثات الأمور، وهذا ما يجعلهم في حاجة دائمة إلى من يقودهم ويحكم أمرهم. واستدل بحجة عقلية أخرى شبه فيها الفيلسوف بالمبصر المعتمد على نور عينيه المسترشد بهما، بخلاف الأعمى éغير الفيلسوف" الذي يمشي مسترشدا بشخص آخر وهذا ما عبر عنه في قوله" فليس نافعا...بصرنا" كما استخدم الحجة العقلية مرة أخرى عندما بين أن دور الفلسفة يكمن في تنظم سلوك الإنسان وأخلاقه وهذا في نظره أهم من لذة البصر والتمتع بجمال الأشياء والألوان. ثم نجده في آخر نصه يعتمد نفس الحجة وهو يقارن بين الإنسان والحيوان ليؤكد اهتمام الحيوان ككائن غير واعي الدائم بغذاء جسمه، بينما واجب الإنسان ككائن عاقل واعي هو الاهتمام بالحكمة أو غذاء الروح.
جاء النص على الصيغة المنطقية التالية: إذا كانت الفلسفة قارة على التمييز بين التوحش والتقدم، فهي ذات قيمة وأهمية كبيرة جدا.
لكن الفلسفة قادرة فعلا على التمييز بين التقدم والتوحش.
إذن للفلسفة قيمة وفائدة كبيرة جدا.
النقد والتقييم:
يحمل النص قيمة معرفية هامة جدا حيث يبين أهمية الفلسفة ودورها في فهم الوجود الإنساني وفي اهتمامها بالقيم والأخلاق، وقيادتها لمختلف الثورات والفكرية آنذاك، لكن ربما كانت لها هذه المكانة في عصره وما قبله، غير أن هذا الوضع تغير كثيرا في يومنا هذا وأصبح الإنسان المعاصر أكثر اهتماما بالعلم وقضاياه، وأكثر اندفاعا وايمانا بما يتناوله مباشرة بحواسه وتجاربه، كما انفصلت عن الفلسفة الكثير من المعارف والعلوم خاصة الانساية مما يؤكد تراجع دورها الريادي مقارنة بما تصور ديكارت.
الرأي الشخص:
إذا كان الفكر الوضعي قد اصبح أكثر اهتمام بالعلم ونتائجه مقارنة بالفلسفة، فإن ذلك لايلغي وظيفة الفلسفة، خاصة إذا علمنا أن وظيفة العلم تبرز في إشباع الحاجيات المادية، مع عجزه المثير للقلق عندما يتعلق الأمر بحاجياته الروحية المعنوية، فالتفكير العلمي لا يؤدي في النهاية إلى توازن الانسان الثقافي والحضاري.