الإحساس والإدراك ( الجزء الأول)

ابو محمد المعتصم
الصفحة الرئيسية
الحجم
محتويات المقال

الإحساس والإدراك ( الجزء الأول)
الإحساس والإدراك 


الضبط الإشكالي:
إن الألوان والأشكال والأصوات والروائح لا تغدو أن تكون إشارات عصبية تصل الدماغ ليقوم بترجمتها إلى معلومات أولية. وهذا معناه أن عملية الإحساس تنفصل عن الإدراك التي توكل إلى العقل، لكن الواقع قد يكون غير ذلك خصوصا إذا ما تصورنا عالمنا كلا منسجما مع الذات وهو لا يحتوى سوى إدراكات تتضمن إحساسات. وهذا ما يدفعنا إلى طرح مجموعة تساؤلات:

هل أن علاقتنا بالعالم الخارجي تتم عن طريق الإحساس أم الإدراك؟ وهل كل معرفة ينطوي عليها الإدراك مصدرها الإحساس ؟ وإذا كان الإحساس عملية أولية للاتصال بالعالم الخارجي فهل معنى ذلك أنه خالي من أي نشاط عقلي؟

1- ماذا عن الإحساس كعلاقة انفعال وتفاعل أوليين مع العالم الخارجي ؟

أولا : ضبط مفهوم الإحساس .


الإحساس : هو ذلك الأثر النفسي الذي ينشأ مباشرة عن تنبيه حاسة أو عضو حاس لمركز الحس في الدماغ. ويعرفه جميل صليبا بقوله:﴿الإحساس ظاهرة نفسية متولدة عن تأثير الحواس بمؤثر ما أو هو ظاهرة أولية يتعذر الحصول عليها نقية خالصة خالية من الشوائب ﴾.

وبهذا يكون الإحساس حادثة أولية بسيطة وهو الطريق الوحيد للتواصل والتكيف مع العالم الخارجي.

- مراحل الاحساس


قد يكون الإحساس سمعيا أو بصريا أو لمسيا لكنه يتم وفق المراحل التالية:

المرحلة الفيزيائية : وتتمثل فيما يؤثر به العالم الخارجي في إحساسنا فقد تكون الإثارة في حد أدنى من الشدة وهو ما يعرف بالعتبة وهي أنواع كما يلي:

العتبة المطلقة الدنيا : وهي أصغر منبه أو مثير طبيعي فيزيائي يؤدي إلى الإحساس أي بداية الإحساس.

العتبة المطلقة القصوى: وتمثل أكبر منبه أو مثير طبيعي فيزيائي يؤدي إلى عدم القدرة على الإحساس أي نهاية الإحساس

كما أن هناك ما يعرف بالعتبة الفارقة، وهي تمثل بداية الشعور بتزايد أو تناقص شدة الإحساس وحدد ذلك بحسب قانون فيبر.

المرحلة الفيزيولوجية: وتبدأ بموجب إيصال التنبيهات الحسية بواسطة الأعصاب إلى المراكز العليا في الدماغ.

المرحلة النفسية: وهي ذلك الأثر الذي يتركه الانفعال في السلوك.

فتعود بساطة الإحساس إلى تلقائية حدوثه أما التركيب فيعود إلى آلية جريانه وهكذا نجدهما يستمدان تعايشهما من طبيعتهما.







- وظيفة الإحساس:


من المعروف أن الإنسان يشترك مع الحيوان في العديد من الحواس, ومن المعروف أيضا اختلاف قدرة الحاسة الواحدة باختلاف حاجة كلا منهما إليها . فيما يختلف الإحساس عند الإنسان عنه عند الحيوان ؟

إن الإحساس لدى بعض الحيوانات يتميز بدرجة عالية من الفاعلية عن نظيره عند الإنسان, وهو ما دفع بالإنسان إلى استخدام الآلة لسد ثغرة العجز لديه , وهذا التفاوت الصارخ بينهما تفرضه الحاجة إلى التكيف وحفظ البقاء.

ولكن إذا كان الإحساس عند الإنسان غير الشعور (الوعي) فالإحساس يساعدنا على التأقلم مع العالم الخارجي مما يعني أن طبيعته حيوية أكثر منه نفسية.

وعليه فأن مهمة الإحساس الأساسية هي تقديم معطيات أولية خام لا غنى عنها لحصول عملية الإدراك (المعرفة).

google-playkhamsatmostaqltradent