تحليل نص حول قيمة المنطق لعمر بن سهلان الساوي

ابو محمد المعتصم
الصفحة الرئيسية
الحجم
محتويات المقال
تحليل نص حول قيمة المنطق  لعمر بن سهلان الساوي
 قيمة المنطق  


حليل نص حول قيمة المنطق  لعمر بن سهلان الساوي

طرح المشكلة:

يندرج النص الذي بين أيدينا ضمن مجال فلسفة القيم فهو يتناول موضوع المنطق الصوري قيمته ودوره في حياة الإنسان، وتعود الأبعاد التاريخية لهذا الموضوع إلى الحقبة اليونانية حيث ظهر المنطق الصوري، وما تلاها من الحضارة الإسلامية، أين أثار هذا المنطق تساؤلات متعددة ومواقف متباينة متناقضة حول تأصيل مسائله وتحديد الحاجة إليه، وهذا ما دفع الإمام والقاضي الإيراني (توفي عام 1058) إلى كتبت نصه هذا مجيبا عن سؤال مفاده: هل تتوقف وظيفة المنطق الصوري في تقويم العقل البشري؟ ألا ترتبط هذه الوظيفة هذه الوظيفة بمصير الإنسان ومآله.

محاولة حل المشكلة:


موقف صاحب النص:

يرى القاضي الإيراني عمر بن سهلان الساوي، أن دور المنطق الصوري في حياة الإنسان لا يقتصر على تمييز صحيح الفكر وفاسده، أو على تقويم العقل البشري وإرشاده، لكن يمتد ليشمل سلوك الإنسان وأخلاقه ومصيره، فالتقيد بقواعده و وحداته إضافة إلى مبادئه يعني النجاة من الضلال والفوز بالنعيم المقيم في الآخرة، كونه قانون موضوع لوقاية الإنسان لمساعدة الإنسان على اجتناب الشرور والمعاصي، وإتيان الحق والخير، عبر عن هذا في قوله(فإذن لا بد لطالب النجاة من الهدى إلى وجه التمييز بين الحق والباطل والخير والشر والطريق إليه بمعرف القانون الصناعي الذي يقيه من الغلط في صواب النظر ).

حجج وبراهين صاحب النص:

دعم عمر بن سهلان الساوي موقفه على الحجة العقلية المتمثلة في قوله أن الحاجة لنظرية القياس الأرسطية أو القانون الصناعي العاصم تأتي بعد تشعب الآراء وانقسام الاعتقادات حول مبدأ الأمر أقسام كثيرة، مع عدم القدرة على تمييز سلوكات الناس إلى صواب وخاطئ هنا لابد من الاستعانة بالمنطق كقانون صناعي عاصم للذهن من الخطأ، فقواعد هذا المنطق ومبادئه موضوع توافق بين جميع العقول، كما اعتمد أيضا على حجج نقلية دينية، حين ربط الحاجة إلى المنطق الصوري بالوصل إلى السعادة الأبدية في الدار الآخرة وكأن قيمة المنطق ترتبط بتقويم أخلاقه لتحديد مصيره، غير أن الأمر لا يقتصر على مجرد معرفة الخير وإنما أيضا للعمل به، ليعود بدليل عقلي آخر فيؤكد أن عقل الإنسان قد يزيغ أو يضل ويبتعد عن الهدى فيتصور ماليس بحق حقا وما ليس بخير خيرا، وقد ترى الشر خيرا الباطل حقا، فإذا استمر على زيغه وضلاله حرم النعيم وكان شقيا في الدار الآخرة بينما السعاد بيده الآن وبإمكانه إدراك النيم المقيم من خلال التعرف على قواعد المنطق الصوري والعمل به، هذا المنطق الذي وضع لتحقيق سعادة الإنسان الكاملة، وإن كانت لا تتحقق إلا من خلال العلم والعمل والالتزام بجملة القواعد المنطقية.

جاء النص على الصياغة المنطقية التالية:

إذا أراد الإنسان السعادة الأبدية فعليه بقواعد المنطق.

لكن غاية الإنسان السعادة الكاملة.

إذن لا بد على الإنسان من معرفة قواعد التفكير الصحيح.










نقد وتقييم النص:


وفق صاحب النص في إبراز دور المنطق الصوري فيما تعلق بانسجام الفكر مع نفسه وعدم تناقضه عند التزامه بهذه القواعد، لكنه بالغ كثير عندما ربط سعادة الإنسان الأبدية في الدار الآخرة مرتبطة بمعرفة قواعد المنطق الصوري، خاصة لو علمنا أن هذا المنطق مرتبط ببيئة وثنية هي البيئة اليونانية مما يعني أن استخدام هذا المنطق في قضايا الدين والإيمان قد ينحرف بالإنسان ويعرضه للابتعاد عن الصواب بدل تحقيق السعادة الأبدية التي يعد بها عمر بن سهلان الساوي ولذا قيل بأن من تمنطق فقد تزندق، كما رفض هذا المنطق في مجال المعرفة العلمية أيضا، فهو قياس عقيم وغير منتج بحيث لاجدوى منه، ونتائجه لا تأتي بشيء جديد كونها مجرد تحصيل حاصل.

حل المشكلة:


يحمل النص قيمة معرفية هامة فهو يبرز دور وأهمية المنطق في التفكير السليم والتقويم المناسب لسلوك الإنسان وأخلاقه وسلوكاته، غير أن هذا الموقف يظل نسبيا مقارنة بالمواقف والتصورات الكثيرة التي تنتقد المنطق الصوري في أغلب المجالات والميادين، وليس فقط من الناحية الدينية.
google-playkhamsatmostaqltradent