نص فلسفي للفيلسوف الفرنسي المعاصر حول العلاقة بين الفلسفة والعلم.
لوي بير ألتوسير هو فيلسوف معاصر عاش مابين 1918 إلى 1990
النص
طرح المشكلة:
يندرج النص الذي بين أيدينا ضمن مجال فلسفة المعرفة إذا يتناول موضوع علاقة الفكر الفلسفي بمضامين المعرفة العلمية، وهو موضوع قديم الطرح ، تعود جذوره الأولى إلى الفكر اليوناني الذي لم يفصل المعرفة العلمية عن الفلسفة، لكن بعدما اشتدت حاجة الإنسان المعاصر إلى العلم ونتائجه، طرحت مشكلة العلاقة بين الفلسفة و العلم، وكان ممن تناولوا هذا الموضوع بالدراسة والتمحيص الفيلسوف الفرنسي المعاصر، ذو النزعة الماركسية لوي بير ألتوسير الذي ولد في الجزائر عام 1918 وتوفي في فرنسا 1990 والذي حاول من خلال نصه هذا الإجابة عن سؤال مفاده: كيف تولد الفلسفة ؟ وكيف تتجدد نشأتها ؟ وهل لذلك علاقة بالمعرفة العلمية؟
محاولة حل المشكلة:
عرض موقف صاحب النص:
يرى الفيلسوف الفرنسي المعاصر ذو النزعة الماركسية لوي ألتوسير أن ظهور الإرهاصات الأولى للفكر الفلسفي ما كانت لتكون لولا توفر الأرضية المناسبة لذلك وما تقتضيه من معرفة علمية، بل أن كل الثورات والتغيرات التي عرفها تاريخ الفكر الفلسفي كان مرتبط في الأساس بنتائج العلم وتطبيقاته الواقعية التي أثرت على المذاهب و المدارس الفلسفية على مر العصور الماضية، عبر عن ذلك في قوله:" لكي تولد الفلسفة او تتجدد نشأتها، لا بد من وجود علوم ".
حجج وبراهين صاحب النص:
اعتمد الفيلسوف الفرنسي المعاصر لوي ألتوسير في تبرير موقفه على مجموعة من الحجج التاريخية، حيث بدأ في استقراء العلاقة بين الفلسفة والعلم منذ نشأتها إلى عصرنا هذا، فقد كان للتفكير الرياضي عند اليونان مع اقليدس وفيثاغورس وارخميدس ... كبير الأثر في ظهور الفكر الفلسفي عند أقطاب الفلسفة اليونانية تحديدا، مثل أفلاطون و أرسطو، وقد ظهر هذا التأثر مجددا في القرن السابع عشر ، عقب محاكمة غاليلي على أفكاره، وهي المحكامة التي أيقظت ديكارت من سُباته العِلميّ،ودفعته إلى التّحديد الفلسفيّ لأسس العِلم الجديد، ليقول مخاطباً علماء وفلاسفة بداية القرن السّابع عشر ميلاديّ " إنّ ما تفعلونه كلّه ها هو وجهه الفلسفيّ؛ إنّ فلسفة جديدة تطرأ، وأنا سأعطيكم صياغتَها ولفظها " وهذا ما تجلى في منهجه الفلسفي الجديد، وقد أثر مفهوم المكان والزمان المطلقين لدى نيوتن على الفلسفة النقدية لدى كانط أيما تأثير لم يتوقف هذا تأثر العلم في الفكر مع كانط لكنه استمر مع الفيلسوف الفينومولوجي الفرنسي المعاصر إدموند هوسرل، نتيجة هذا الاستقراء الذي أجراه ألتوسير هو التأكيد على أن التفكير الفلسفي يعقب التفكير العلمي كما أكد هيغل ذلك من قبل.
نقد وتقييم النص:
لا يمكن إنكار الارتباط القائم بين التفكير الفلسفي والمعرفة العلمية، الذي يظهر جليا من خلال الفلسفة التجريبية التي جعلت العلم المادي موضوعا لها، ومن ورائه الواقع المادي فأنتجت ما يعرف اليوم بفلسفة العلوم، غير أن الفكر الفلسفي الذي يولد من حضن التفكير العلمي، كثيرا ما يطرح أسئلة يعجز العلم عن مجرد الاقتراب منها نظرا لوسائله وأدواته، وإذا كان تاريخ الفلسفة هو تاريخ تأثر بالعلم كما يرى ألتوسير، فكيف نبرر انفصال العلوم عن الفلسفة تباعا، بداية بالعلوم التجريبية وصولا إلى علوم الإنسان؟
حل المشكلة
بالعودة إلى تاريخ العلم ، وبعد استثناء الرياضيات كعلم عقلي صوري، سنجد أن الكثير من المفاهيم العلمية كانت لها إرهاصات فلسفية ، بداية من المحرك الذي لا يتحرك وصولا إلى أثر الفلسفة اليونانية على المرحلة السكولائية والحديثة، كل هذا يؤكد أن التأثير لم يكن من جانب واحد، بل من جوانب متعددة، لذا يميل معظم المفكرين المعتدلين إلى القول إن الفلسفة والعلم يعملان معًا في أرض واحدة يساعد فيها كل منهما في إجابة الأسئلة الأساسية.