تحليل نص الإدراك حكم عقلي للفيلسوف الفرنسي ألان

ابو محمد المعتصم
الصفحة الرئيسية
الحجم




مرحلة فهم النص


المرجع الكتاب المدرسي للشعب الأدبية الصفحة 15- 16
الأفكار الأساسية للنص

المعرفة الإدراكية في حقيقتها إقصاء لكل ماهو حسي.

الحواس لا تقدم لنا أي معرفة يقينية.

حقيقة الإدراك تكمن في كونه تجاوز لما تقدمه لنا الحواس.

أخطاء الإدراك ليست أخطاء الحواس ، بل هي أخطاء العقل.

الفكرة العامة للنص الإدراك حكم عقلي يتجاوز المعرفة الي تقدمها لنا الحواس.



تحليل نص الإدراك حكم عقلي للفيلسوف الفرنسي آلان




مرحلة التحليل

طرح المشكلة: 

يندرج النص الذي بين أيدينا ضمن مجال فلسفة المعرفة كونه يتناول موضوعا هاما من مواضيع علم النفس يتعلق بطبيعة المعرفة الإدراكية، التي أسالت الكثير من الحبر بين الفلاسفة وعلماء النفس، قديمهم وحديثهم ،خاصة عندما يتعلق الأمر بطريقة حصول المعرفة الإدراكية، وكان من بين الفلاسفة الذين تناولوا هذا الموضوع بالدراسة والبحث، الفيلسوف الفرنسي المعاصر المعروف بآلان "1868-1951"، والذي حاول من خلال نصه هذا الرد على النزعة التجريبية التي اعتبرت الإحساس هو سبيل معرفتنا للعالم الخارجي، وذهبت أبعد من ذلك حين قالت أن كل إدراك يحمل في ثناياه بذور حسية، من خلال إجابته عن سؤال مفاده: هل المعرفة الإدراكية هي تأويل لإحساسات سابقة ؟ أم أنها معرفة عقلية تتجاوز ما تقدمه لنا الحواس حول العالم الخارجي؟

محاولة حل المشكلة:





موقف صاحب النص

يرى الفيلسوف الفرنسي المعاصر آلان أن الإدراك العقلي ليس مجرد تأويل لإحساسات سابقة عنه كما يرى أنصار النزعة الحسية، فحقيقة الإدراك تتجاوز ما تمدنا به الحواس من معارف أولية خام، إلى اعتباره حكما عقليا خالصا، نتيجة لهذا نتقبل الاحساسات أو نرفضها، كما يؤكد أيضا أن الأخطاء الإدراكية يمكن ردها إلى الوظائف العقلية خلافا لما ذهب إليه ديكارت، بينما الإحساس أقل قيمة من أن يؤثر في ادراكاتنا، جاء ذلك في قوله :"أما الإحساس نفسه فليس مثيرا للشك ولا مخطئا وبالتالي ليس واقعيا إنه راهن على الدوام حين يحصل لدينا"




حجج وبراهين صاحب النص:

اعتمد الفيلسوف الفرنسي على كم هائل من الأمثلة الواقعية التي دعم بها موقفه، بداية من اللوحة الفنية التي يرسمها الفنان " أفق بعيد جبل شاهق" فنحن من يحكم بأنه بعيد رغم كون العمل الفني قريب منا، مما يؤكد أن الحكم على موضوع المعرفة هنا مصدره العقل دون غيره، في نفس الوقت الذي أرى الأفق والشجرة على نفس مسافة الجبل مع ذلك أحكم أنها متباينة فيما بينها، كل هذا يؤكد دور أحكام العقل في المعرفة الإدراكية، في مثال آخر يتعلق بحاسة اللمس التي يراها غير كافية لحصول عملية الإدراك، فحين ألمس المكعب رؤوسه أضلاعه سطوحه الصلبة، فهي لا توحي لي بفكرة المكعب بل ينجم ذلك عن التأليف بين كل ما تم لمسه هنا فقط احكم أنه مكعب، فالتأليف والجمع أيضا من عمل العقل وأحكامه، ومما يؤكد موقفه أيضا أن الصياد لا يميز كلبه باعتمد حاسة السمع فقط لكن ذلك يحدث معه كونه يوظف الأحكام العقلية، الأمر عينه يمكن الحديث عنه في حال صيد الحمام ولو اكتفى ببصره لما نجح في إسقاطها، وعلى العموم فالإحساس لا يكفي للوصول إلى المعرفة المجردة ، و المعرفة الحسية مهما كانت درجتها لا تبلغ مرتبة الإدراك كونها جزئية ، فكل حاسة تنقل لنا معرفة خاص بها , و الاقتصار على شهادة الحواس يؤدي إلى نتائج غير صحيحة , فهو لا يخبر العقل أن الشيء الموجود في التجربة له دائما نقيضه المتخيل، فالبصر - مثلا - لا يفيد ، أن الأصبع أصبع أو غير أصبع، حسب محاورات أفلاطون ، لم يقف الفيلسوف الفرنسي ذو النزعة العقلية عند هذا الحد بل ذب إلى حد القول أن الحواس لا تصيب ولا تخطيء ، ولا تؤثر إيجابا أو سلبيا في المعرفة الإدراكية، فعند توهم رؤية الشبح لا يرد الخطأ هنا إلى الحواس، هو غير موجود أصلا، بل يرتد إلى ملكة التخيل المرتبطة بالعقل، بمعنى أن العقل الخطأ في الإدراك سببه العقل وليس الحواس كما قال ديكارت.

جاء النص على الصياغة المنطقية التالية: 

                                * إما أن يكون الإدراك مجرد تأويل للإحساس أو يتجاوز ذلك إلى اعتباره حكم عقلي.
                                * لكن الإدراك ليس مجرد تأويل لإحساسات
                                * إذن حقيقة الإدراك تكمن في كونه حكما عقليا.




نقد وتقييم الحجج والبراهين

كان للاتجاه العقلي فضل في إثارة ومناقشة الكثير من القضايا المعرفية والفلسفية والكشف عن الكثير من الحقائق , وعلى رأسها عملية الإدراك و العوامل المتحكمة فيها , وقد وفق آلان في تحديد الطبيعة المعقدة لعملية الإدراك، ولعله نفس المذهب الذي ذهب إليه مالبرانش حين قال " ليست حواسنا هي التي تخدعنا ، إنما إرادتنا بأحكامها السريعة "، لكنه بالغ كثيرا حين اعتقد بإن الإدراك يتجاوز الحواس التي لا يمكن أن يكون لها أي دور ولو كان الاثارة ذاتها، وهو في حاجة إلى وسائط تربطه بالعالم الخارجي ، فالكفيف لا يدرك الألوان ، و الأصم لا يدرك الأصوات، ومن جهة أخرى فقد أهمل دور العوامل الموضوعية التي تؤثر على المجال الإدراكي وبنية الموضوعات.


حل المشكلة

من خلال ما سبق نستنتج أن آلان حاول أن يحدد طبيعة المعرفة الإدراكية فردها إلى الحكم العقلي الخالص الذي يتجاوز وظيفة الإحساس، غير ان هذا لا يعد حلا لمشكلة طبيعة الإدراك الحسي، ما لم يولي نفس الأهمية لوظيفة الإحساس، لما يكون عليه العالم الخارجي من انتظام أو تفكك ، لأن الإدراك عملية نفسية متعددة العوامل ، حيث تتأثر بعوامل ذاتية وأخرى موضوعية.
google-playkhamsatmostaqltradent