مقالة فلسفية حول موضوع الشعور بالأنا والشعور بالغير

ابو محمد المعتصم
الصفحة الرئيسية
الحجم


السؤال:
اثبت صحة الأطروحة القائلة:( أن حقيقة الأنا تتوقف على الوعي بالذات).

موضوع السؤال يتطرق إلى تحديد مفهوم الأنا كحقيقة نفسية وضرورة للتساؤل عن طرق اكشاف الأنا لنفسه .
يتضمن السؤال بحثا في ماهية الذات لكنه يحصرها هنا في الوعي دون غيره.
الطريقة المناسبة لمعالجة السؤال هي الاستقصاء بالوضع .


مقالة فلسفية حول موضوع الشعور بالأنا والشعور بالغير
مقالة فلسفية  

طرح المشكلة:

شاع بين الناس ان معرفة الانسان بذاته تتوقف على محيطه الاجتماعي وعلى مدى تأثير الآخرون فيه، وهو تصور يتجاهل فعاليات العقل وأحوال النفس في تشكيل المعرفة بالذات. فكيف السبيل إلى اثبت صحة الاطروحة القائلة: إن الوعي هو أساس المعرفة بالذات؟ وكيف السبيل إلى تأكيد مشروعيتها؟

محاولة حل المشكلة:


عرض منطق الاطروحة:

يعتقد أنصار هذه الاطروحة أن الوعي أو الشعور هو أساس المعرفة بالذات فهو يميزها ويصاحب كل أحوالها وحوادثها وما يجري فيها بل هو المميز لها والملازم لها طيلة وجودها، حيث تعتمد الأطروحة على مسلمة مفادها أن الشعور هو المبدأ الوحيد للظواهر النفسية في حياة الانسان، وانعدامه أو غيابه هو غياب للذات بلا ريب.

ومما يوكد ذلك في نظر ديكارت أن الذات لا تنقطع عن الوعي والشعور او التفكير الا إذا انقطع وجودها وهو تتحول ظاهرة فيزيائية جامدة بعيدة كل البعد عن الشعور بالذات أو الوعي بها، إضافة الى ذلك فالوجود الإنساني في نظر الوجودي يقتضي الوعي الإنساني الكامل بمشروعه الناقص الساعي نحو اكمال ماهية الذات ولا يتم ذلك الا في حدود اختيارات حرة واعية من طرف الذات، فالحقائق اليقينة الصادقة في نظر الوجودي هي التي تنبع من صيم الجربة النفسية الشعورية التي يحياها الانسان وينفعل بها يقول ميرلوبونتي : ليس علينا ان نتساءل فيما إذا كنا ندرك العالم حقا بل يجب أن نقول ان ما ندركه هو العالم.

الرد على الخصوم: 

هناك من يرى ان الوعي الذاتي لا قيمة له في بناء المعرفة بالذات، ما لم يكن هناك غير يشعرها بذاتها ومقومتها، فالغير يؤدي إلى تنبيه الوعي ودفعه لمقارنة ذاته به وصقله لمقوماته وتنميته لخصائصه، وهو الذي يشعرنا بتميزنا واسمائنا هو من يشاركنا الوجود عن طريق المماثلة والاختلاف يقول جون بول سارتر أنني في حاجة على وساطة الاخر لأكون ما أنا عليه

غير ان هذا الرأي غير صحيح لأن قيمة الغير مهما كبرت لا تتأكد إلا من خلال الوعي والإدراك التميز بينه وبين الغير، إضافة الى هذا فدور الغير يتوقف عند حدود التأثير السطحي على الذات أما أعماق الوعي وبواطنه فهو عاجز عن إدراكها ناهيك عن التأثير فيها، زيادة على هذا فربط الذات بالغير تدل على التبعية والسيطرة والهيمنة وذوبان الانا في الغير.... ومن شروط المعرفة الوعي بالتميز.





الدفاع عنها بحجج شخصية:

 الاطروحة القائلة بالوعي كأساس لمعرفة الذات أطروحة يتقبلها العقل ويؤكدها الواقع، فكلما قمنا بفعل ما أو سلوك ما دون تفكير أو وعيا منا إلا ودفع بنا إلى الندم والحسرة والعكس صحيح، كما أنه لا يعقل ان نجد ذات فارغة تفكر دون موضوع قابل للتفكير فيه، فكل ذات تشعر بشيء معين وتفكر فيه وتعي ذاتها أيضا منفصلة عن الموضوع، زيادة على ذلك فإن كل منا يسعى لمعرفة ذاته واكتشاف حقيقتها كفردانية متميزة بوجودها الخاص مستقلة عن غيرها لها تجاربها الذاتية الخاصة بها، لها حريتها في اختيار ما ترغب وتشتهي، فهي في النهاية من سيسأل عن هذا الاختيار، ثم تصور معي أن احتاج لغيري في معرفتي لذاتي، أفلا أكون تحت رحمة أحكامه وسلطان نوازعه الداخلية، بل قد أكون انا هو، وهذا ما لا يناسب وعي.

حل المشكلة


بما أن الوعي ميزة جوهرية محددة لماهية الانسان ولحقيقة ذاته، ومؤكدة لوجوده وتفاعله مع غيره، وبما أن المعرفة القائمة على المغايرة قد تؤدي إلى زوال معالم الأنا ومقوماته، فإن الأطروحة القائلة بالوعي كأساس لمعرفة الذات أطروحة صحيحة ومشروعة يجب تبنيها والدفاع عنها .

google-playkhamsatmostaqltradent