العوامل المؤثرة في عملية الإدراك الحسي |
السال:
أثبت بالبرهان صحة الأطروحة القائلة: " أن الإدراك مرتبط بمدى انتظام العالم الخارجي و تفككه ".
طرح المشكلة:
شاع بين عامة الناس أن عملية إدراكنا للعالم الخارجي تتوقف على ما يتمتع به كل واحد منا، من قدرات ذاتية شخصية، ولا دور للمحيط الخارجي فيه، غير أن هذا الرأي يتجاهل الدور الحقيقي الذي يؤديه العالم الخارجي في عملية الإدراك، فإذا ما تقرر لديك الدفاع عن الأطروحة القائلة: أن الإدراك مرتبط بمدى انتظام العالم الخارجي أو تفككه فما عساك تفعل؟ وما هي الحجج التي تؤكده؟
محاولة حل المشكلة:
عرض القضية:
الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية:
الرد على الخصوم:
ذهب بعض علماء النفس التقليديين إلى أن الإدراك يتوقف على فاعلية الذات بالدرجة الأولى وليس لانتظام العالم الخارجي فيها أي دور، حيث يرى الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت أن الإدراك عملية عقلية معقدة يتدخل فيها مستوى ذكاء الفرد وخياله ومدى قوة أحكامه وتصديقاته، فالإدراك يختلف باختلاف القدرات العقلية بين الأفراد، فمثلا إدراك الذكي يختلف عن إدراك الغبي، وفي حقيقة الإدراك لا يزيد عن كونه حكم عقلي، وهذا ما يؤكده أيضا الفيلسوف الفرنسي آلان حيث يرى أن إدراك المكعب يكون عن طريق العقل لا كموضوع خارجي ، و مما يؤكد ذلك أيضا أن الإدراك يتأثر بالحالة الجسمية والنفسية للفرد فالذي يكون في حالة قلق مثلا يكون إدراكه مشوشا وغير واضح عكس الذي يكون في حالة نفسية سليمة ، ويضيف عالم النفس الفرنسي هنري برغسون عامل التجارب والخبرات السابقة، فالإنسان الأكثر تجربة وخبرة يكون أسهل إدراكا الأشياء حيث يقول: "الإدراك تذكر".
النقد: غير أن هذا الراي يجانب الصواب، فقد يحدث أن تتوفر هذه الشروط (العقلية الحسية ) ولا يحصل الإدراك أو يكون الإدراك غير واضح نظرا للدور الشكلي الذي تقوم به أو لطبيعة الشيء المدرك وشكله ومدى انتظام عناصره، ثم هل هناك ما يبرر التمييز بين مفهومي الإحساس والإدراك؟ وعن هذا يجيب بول غيوم قائلا: ( الإحساس الخالص هو من خلق السيكولوجيين النظري وليس ظاهرة واقعية فليس ثمة إلا إحساسات منظمة بكيفيات مختلفة .
حل المشكلة
ومنه نستنتج أن الأطروحة القائلة أن الإدراك مرتبط بمدى انتظام العالم الخارجي أو تفككه أطروحة صحيحة ومشروعة وجب تبنيها والدفاع عنها.
يرى بعض علماء النفس من أنصار المدرسة الجشطالتية الشكلية (على وجه التحديد كوفكا كوهلر فرتهيمر) أن الإدراك مرتبط بمدى انتظام العالم الخارجي أو تفككه، وهو يرتبط ارتباطا قويا بالعوامل الموضوعية التي تعرف أيضا بقوانين انتظام المجال الإدراكي، فنحن ندرك الموضوع كصيغة واحدة أو صورة منتظمة أو بنية شاملة منذ البداية يقول كوهلر: إن الإدراك يرجع إلى الموضوع الخارجي لان شكل الموضوع وبناؤه العام هو الذي يحدد درجة الإدراك ومدى وضوحه.
ومما يؤكد ذلك أن الإدراك مرتبط بطبيعة الموضوع المدرك وشكله ومدى انتظام عناصره وليس مرتبط بتجارب الشخص وخبرته أو قواه ووظائفه العقلية، يبرز ذلك في دور قوانين الانتظام، فعلى سبيل المثال كلما كان الشكل أكثر وضوحا وتباينا مقارنة بالأرضية كان إدراكنا له جيدا، مثال ذلك النجوم الشكل في الليل أكثر وضوحا لأن الأرضية هنا هي سماء سوداء قاتمة، أما في النهار فلا تظهر لضعف درجة التباين وقلة البروز، وكلما كانت الأشياء متشابهة من حيث اللون أو الحجم أو الشكل كلما سهل إدراكها، إضافة إلى عامل التقارب والإتصال فكلما كانت العناصر المدركة متقاربة كلما زاد إدراكنا للصورة وضوحا حيث يقول عالم النفس السويسري جان بياجي: "أذا رأينا ثلاث أو أربع نقاط متقاربة بدل النقطة الواحدة لم نستطع أن نمنع أنفسنا من جمعها في صورة تقديرية من المثلثات أو المربعات". ونحن كأفراد نميل إلى إغلاق الأشكال الناقصة وغير التامة، وندركها في أفضل ممكنة، مما يؤكد على أهمية انتظام الأشياء في حال إدراكنا لها.
ومما يؤكد ذلك أن الإدراك مرتبط بطبيعة الموضوع المدرك وشكله ومدى انتظام عناصره وليس مرتبط بتجارب الشخص وخبرته أو قواه ووظائفه العقلية، يبرز ذلك في دور قوانين الانتظام، فعلى سبيل المثال كلما كان الشكل أكثر وضوحا وتباينا مقارنة بالأرضية كان إدراكنا له جيدا، مثال ذلك النجوم الشكل في الليل أكثر وضوحا لأن الأرضية هنا هي سماء سوداء قاتمة، أما في النهار فلا تظهر لضعف درجة التباين وقلة البروز، وكلما كانت الأشياء متشابهة من حيث اللون أو الحجم أو الشكل كلما سهل إدراكها، إضافة إلى عامل التقارب والإتصال فكلما كانت العناصر المدركة متقاربة كلما زاد إدراكنا للصورة وضوحا حيث يقول عالم النفس السويسري جان بياجي: "أذا رأينا ثلاث أو أربع نقاط متقاربة بدل النقطة الواحدة لم نستطع أن نمنع أنفسنا من جمعها في صورة تقديرية من المثلثات أو المربعات". ونحن كأفراد نميل إلى إغلاق الأشكال الناقصة وغير التامة، وندركها في أفضل ممكنة، مما يؤكد على أهمية انتظام الأشياء في حال إدراكنا لها.
الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية:
الأطروحة القائلة أن الإدراك مرتبط بمدى انتظام العالم الخارجي أو تفككه، أطروحة صحيحة يصدقها العقل ويؤكدها الواقع، فلو أخذنا شخصا وهو معصوب العينين إلى مكتبة مظلمة ، ثم سألناه عن مكان تواجده لعرف أنه بمكتبة، ولو قمنا بعدها بيفكيك البنية وبعثرت الكتب ثم أعادنا نفس الشخص في نفس الحالة إلى نفس المكان، لأجابنا غرفة بها كتب، مما يوحي بأن نشاط الذهن في عملية الإدراك، نشاط شكلي حسي أما الدور الذي يلعبه الموضوع المدرك هو الكل في الكل، زيادة على هذا فالصيغة المدركة تميل بفعل طبيعتها إلى أن تكون أحسن صيغة ممكنة أي أكثر بساطة و اتزانا، هذا ما يعرفه الشكليون بقانون تجويد الشكل. زيادة على هذا كله فنحن ندرك الشكل ولا ندرك عناصره الجزئية التي هي نتاج تأمل و تجريد، فنحن في مشاهدتنا الأمطار وهي تسقط لا نجمع بذهننا حركات حركات جزئية للقطرات الصغيرة التي تتالف منها الحركة الكلية، بل أن هذه الأخيرة تفرض نفسها علينا.
الرد على الخصوم:
ذهب بعض علماء النفس التقليديين إلى أن الإدراك يتوقف على فاعلية الذات بالدرجة الأولى وليس لانتظام العالم الخارجي فيها أي دور، حيث يرى الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت أن الإدراك عملية عقلية معقدة يتدخل فيها مستوى ذكاء الفرد وخياله ومدى قوة أحكامه وتصديقاته، فالإدراك يختلف باختلاف القدرات العقلية بين الأفراد، فمثلا إدراك الذكي يختلف عن إدراك الغبي، وفي حقيقة الإدراك لا يزيد عن كونه حكم عقلي، وهذا ما يؤكده أيضا الفيلسوف الفرنسي آلان حيث يرى أن إدراك المكعب يكون عن طريق العقل لا كموضوع خارجي ، و مما يؤكد ذلك أيضا أن الإدراك يتأثر بالحالة الجسمية والنفسية للفرد فالذي يكون في حالة قلق مثلا يكون إدراكه مشوشا وغير واضح عكس الذي يكون في حالة نفسية سليمة ، ويضيف عالم النفس الفرنسي هنري برغسون عامل التجارب والخبرات السابقة، فالإنسان الأكثر تجربة وخبرة يكون أسهل إدراكا الأشياء حيث يقول: "الإدراك تذكر".
النقد: غير أن هذا الراي يجانب الصواب، فقد يحدث أن تتوفر هذه الشروط (العقلية الحسية ) ولا يحصل الإدراك أو يكون الإدراك غير واضح نظرا للدور الشكلي الذي تقوم به أو لطبيعة الشيء المدرك وشكله ومدى انتظام عناصره، ثم هل هناك ما يبرر التمييز بين مفهومي الإحساس والإدراك؟ وعن هذا يجيب بول غيوم قائلا: ( الإحساس الخالص هو من خلق السيكولوجيين النظري وليس ظاهرة واقعية فليس ثمة إلا إحساسات منظمة بكيفيات مختلفة .
حل المشكلة
ومنه نستنتج أن الأطروحة القائلة أن الإدراك مرتبط بمدى انتظام العالم الخارجي أو تفككه أطروحة صحيحة ومشروعة وجب تبنيها والدفاع عنها.