نص السؤال:
هل تعتقد أن النسيان مجرد ظاهرة طبيعية تساعدنا على التكيف مع العالم الخارجي؟
فهم السؤال:
الموقف الأول: النسيان ظاهرة تعيق التكيف، من خلال أمراض الذاكرة حيث يعجز المصاب عن تحقيق التوازن النفسي ووالاستقرار الاجتماعي.
الموقف الثاني: النسيان وظيفة تساعد على التكيف كونه يساعد على التخلص من الاحقاد والضغائن التي تثقل كاهل الفرد، ويهدد تقليبها كيانه.
طرح المشكلة:
الذاكرة وظيفة نفسية تعمل على حفظ الذكريات واستبقائها ومن ثمة استرجاعها عند الحاجة، لكنها قد تعجز في بعض الأحيان عن استدعاء هذا الماضي، يعني هذا أن النسيان يعد وظيفة سلبية للذاكرة، لكن لم يتفق كل الفلاسفة وعلماء النفس حول طبيعة النسيان وأثره على سلوك الإنسان، فقد تباينت مواقفهم واختلفت أراهم حول ما إذا كان النسيان حالة عادية تساعد على التكيف مع المحيط أم انه حالة مرضية سلبية تعيق تكيف الفرد مع عالمه الخارجي المحيط به. من هنا نتساءل متي يكون النسيان مناقضا للذاكرة؟ وهل النسيان وظيفة نفسية سلبية في حياتنا أم أنها ضرورية لتوازن حياتنا النفسية؟
محاولة حل المشكلة:
عرض القضية "الموقف الأول":
النسيان ظاهرة طبيعية في حياتنا بل هي ضرورية لتحقيق التوازن النفسي، والانسان ليس مضطرا لاستعادة كل ماضيه، مما يعني أن له قيمة في حياتنا العلمية والعملية وعلاقتنا الاجتماعية، يقول ريبو"النسيان ليس مرضا من أمراض الذاكرة لكنه شرط لسلامتها وبقائها".
فبفضل النسيان نحصل الكثير من المعارف والعلوم، ولو كانت الذاكرة لا تغيب عنها دقائق الأمور وتحتفظ بكل صغيرة وكبيرة لكانت عائق أمام الفكر والتفكر في الظواهر من حولنا، حيث يقول روبير طوكي "إن الذاكرة الأخاذة والحفاظة يمكنها أن تشكل عائقا أما التطور العالي للفكر "، ويرى سيغموند فرويد ان النسيان امر طبيعي فالذاكرة لا تعني حفظ كل آثار الماضي ثم استعادتها جميعا , بل ينتقي الإنسان ما هو ضروري وموافق لاهتماماته , بل من الطبيعي أن ينسى الإنسان بعض الآثار الماضي يقول دولاي " النسيان حارس الذاكرة"، ونحن في نظر فرويد ننسى معلومات مخزنة في الذاكرة لأننا ببساطة نود نسيانها إراديا وهي الأحداث المؤلمة أو الحزينة والقاسية التي تؤثر سلبا على الشعور فنقاوم ظهورها أو نكبتها في اللاشعور وهو ما يعرف بنظرية الكبت، والأفكار المكبوتة نجدها لدى العاديين من الناس كما نجدها عند المرضي ما يؤكد أن النسيان يحدث نتيجة رغبة الشخص في عدم تذكر مواقف معينة سبق له التعرض لها، والنسيان في هذه الحالة يسمى النسيان المدفوع لأنه يعتمد على دوافع لا شعورية لدى الفرد ويلعب دور الحيلة الدفاعية ضد تهديد الذات، وعلى العموم فالذاكرة التي لا يسندها النسيان تضر الانسان بدل ان تنفعه، لذلك اعتبر برغسون النسيان حالة طبيعية يعيشها الفرد إذ لا يتذكر من الماضي إلا ما كانت له علاقة بالواقع الذي يعيش فيه، إذ لا يلتفت الإنسان إلى الماضي إلا لحاجة في التكيف، ومن الأمثلة على فائدة النسيان إننا ننسى اسم الشخص الذي لا نحبه و ننسى مكان الشيء الذي نريد أن نضيعه يقول سيغموند فرويد: "النسيان هروب من الواقع المؤلم".
النسيان ظاهرة طبيعية في حياتنا بل هي ضرورية لتحقيق التوازن النفسي، والانسان ليس مضطرا لاستعادة كل ماضيه، مما يعني أن له قيمة في حياتنا العلمية والعملية وعلاقتنا الاجتماعية، يقول ريبو"النسيان ليس مرضا من أمراض الذاكرة لكنه شرط لسلامتها وبقائها".
فبفضل النسيان نحصل الكثير من المعارف والعلوم، ولو كانت الذاكرة لا تغيب عنها دقائق الأمور وتحتفظ بكل صغيرة وكبيرة لكانت عائق أمام الفكر والتفكر في الظواهر من حولنا، حيث يقول روبير طوكي "إن الذاكرة الأخاذة والحفاظة يمكنها أن تشكل عائقا أما التطور العالي للفكر "، ويرى سيغموند فرويد ان النسيان امر طبيعي فالذاكرة لا تعني حفظ كل آثار الماضي ثم استعادتها جميعا , بل ينتقي الإنسان ما هو ضروري وموافق لاهتماماته , بل من الطبيعي أن ينسى الإنسان بعض الآثار الماضي يقول دولاي " النسيان حارس الذاكرة"، ونحن في نظر فرويد ننسى معلومات مخزنة في الذاكرة لأننا ببساطة نود نسيانها إراديا وهي الأحداث المؤلمة أو الحزينة والقاسية التي تؤثر سلبا على الشعور فنقاوم ظهورها أو نكبتها في اللاشعور وهو ما يعرف بنظرية الكبت، والأفكار المكبوتة نجدها لدى العاديين من الناس كما نجدها عند المرضي ما يؤكد أن النسيان يحدث نتيجة رغبة الشخص في عدم تذكر مواقف معينة سبق له التعرض لها، والنسيان في هذه الحالة يسمى النسيان المدفوع لأنه يعتمد على دوافع لا شعورية لدى الفرد ويلعب دور الحيلة الدفاعية ضد تهديد الذات، وعلى العموم فالذاكرة التي لا يسندها النسيان تضر الانسان بدل ان تنفعه، لذلك اعتبر برغسون النسيان حالة طبيعية يعيشها الفرد إذ لا يتذكر من الماضي إلا ما كانت له علاقة بالواقع الذي يعيش فيه، إذ لا يلتفت الإنسان إلى الماضي إلا لحاجة في التكيف، ومن الأمثلة على فائدة النسيان إننا ننسى اسم الشخص الذي لا نحبه و ننسى مكان الشيء الذي نريد أن نضيعه يقول سيغموند فرويد: "النسيان هروب من الواقع المؤلم".
نقد القضية:
لا يمكن أن ننكر أثر النسيان في تحقيق الراحة النفسية أحيانا كثيرة، فهو يخلصنا من الذكريات السلبية والمؤلمة والحزينة، لكنهم تناسوا أن نسيان الحوادث الهامة وفقدان المعلومات والخبرات المفيدة، قد يكون عائقا أمام تكيف الذات وتأقلمها مع محيطها، مما قد يؤثر سلبا على حياة الأفراد وتوازنهم النفسي.
عرض نقيض القضية "الموقف الثاني":
إذا كان النسيان هو الفقدان الكلي أو الجزئي لما تم تخزينه في الذاكرة فإن هذا يشكل خطرا على حياة الإنسان النفسية، مما يحول بينه بين التكيف خاصة في حال كون النسيان حالة مرضية تصيب الذاكرة.
ومما يؤكد ذلك أن النسيان هو تشتيت للذكريات، وزوال لبعضها، يقول جميل صليبا في كتابه "علم النفس" إن النسيان يُولد في غالب الأحيان خللا في توازن الشخصية. فتتكون لدى الشخص شخصية ثانية وهوما يؤدي إلى استحالة التوافق مع المواقف الراهنة ومن الأمثلة التوضيحية على ذلك نجد أن خطورة النسيان تتمثل في الإخفاق والفشل والاضطراب في وأثناء الامتحان ، حيث يؤدي بالمترشح إلى الوقوف موقفا سلبيا أمام الموضوع أو السؤال الذي يريد الإجابة عليه ، كما قد تنشأ عن النسيان إشكالات تتعلق بطبيعة العلاقات الاجتماعية مثل : نسيان اسم الشخص الذي نتعامل معه ، وهناك من ارجع ظاهرة النسيان إلى عامل الزمن يقول الفيلسوف بيرون في هذا الصدد :" كلما تقدمت الذكريات في الزمن كان ذلك ادعى إلى نسيانها "، كما قد يكون السبب نفسيا أو عضويا، كأن يتعلق بمرض من الأمراض التي تصيب الذاكرة، وفي هذا يرى عالم النفس الفرنسي الفيزيولوجي ريبو أن النسيان حالة مرضية يتم عن طريق الإصابات المادية التي قد تصيب خلايا القشرة الدماغية نتيجة إصابة مباشرة يتعرض لها الإنسان ما يؤدي إلى فقدان كلي أو جزئي لماضيه، كما يؤكد هنري برغسون أن النسيان ذو طبيعة سلبية كونه مقترن بتلك الصدمات النفسية العنيفة التي تهدد توازن الإنسان النفسي.
نقد نقيض القضية:
يكون النسيان معيقا للتكيف عندما يتعلق الأمر بأمراض الذاكرة التي تقف حائلا امام وظيفة الذاكرة، لكن هؤلاء لم ينظروا للنسيان الا باعتباره تهديدا للتوازن النفسي ولم ينتبهوا الى كونه مرافقا ووظيفة تابعة للذاكرة ، وكأن وظيفة النسيان هي تعزيز الذكريات التي نحتاجها وفي نفس الوقت ابعاد الذكريات المؤلمة وكذا تلك التي لا نحتاجها والتي ستشكل أخطر امراض الذاكرة أوما يسمى بتضخم الذاكرة ، وبالتالي فالنسيان حالة طبيعية وليس مريضة.
التركيب:
يتبين لنا أن النسيان لا يشكل دوما آفة للذاكرة، كما لا يمكن أن يكون دوما عاملا مساعدا على التكيف، بل هو عامل إيجابي متى كان وظيفة تقتضيها الذاكرة وسلبيا متى جاء دوره بعد التخزين للذكريات، لذا يمكن القول بأن النسيان حالة ضرورية وطبيعية تفرضها الذاكرة التي لا يمكنها أن تحتفظ إلا بالمهم، فالإنسان لا يلتفت إلى الماضي إلا بمقدار ما يساعده على تحقيق واقعه وحاضره، ولكن نجد نوعا آخر من النسيان الذي تتسبب فيه أمراض مختلفة قد تصيب الذاكرة وذلك ما يسمى بالنسيان المرضي.
حل المشكلة:
مادامت وظيفة الذاكرة تتوقف على التكامل بين السلامة الفيزيولوجية و السيكولوجية فالنسيان يمكن أن يكون حالة مرضية ناتجة عن وجود خلل على مستوى الجملة العصبية، لكن إصدار حكم مطلق بأن النسيان ظاهرة إيجابية أو سلبية حكم ساذج مناف للصواب، وليس كل عجز عن التذكر حالة مرضية ، في الوقت الذي تمثل أمراض الذاكرة تهديدا حقيقيا لشخصية الإنسان نفسيا وثقافيا واجتماعيا.
يتبين لنا أن النسيان لا يشكل دوما آفة للذاكرة، كما لا يمكن أن يكون دوما عاملا مساعدا على التكيف، بل هو عامل إيجابي متى كان وظيفة تقتضيها الذاكرة وسلبيا متى جاء دوره بعد التخزين للذكريات، لذا يمكن القول بأن النسيان حالة ضرورية وطبيعية تفرضها الذاكرة التي لا يمكنها أن تحتفظ إلا بالمهم، فالإنسان لا يلتفت إلى الماضي إلا بمقدار ما يساعده على تحقيق واقعه وحاضره، ولكن نجد نوعا آخر من النسيان الذي تتسبب فيه أمراض مختلفة قد تصيب الذاكرة وذلك ما يسمى بالنسيان المرضي.
حل المشكلة:
مادامت وظيفة الذاكرة تتوقف على التكامل بين السلامة الفيزيولوجية و السيكولوجية فالنسيان يمكن أن يكون حالة مرضية ناتجة عن وجود خلل على مستوى الجملة العصبية، لكن إصدار حكم مطلق بأن النسيان ظاهرة إيجابية أو سلبية حكم ساذج مناف للصواب، وليس كل عجز عن التذكر حالة مرضية ، في الوقت الذي تمثل أمراض الذاكرة تهديدا حقيقيا لشخصية الإنسان نفسيا وثقافيا واجتماعيا.