مقارنة بين العلوم التجريبية والرياضيات

ابو محمد المعتصم
الصفحة الرئيسية


السؤال:

قارن بين الرياضيات والعلوم التجريبية.
مقارنة بين العلوم التجريبية والرياضيات



الطريقة مقارنة

طرح المشكلة:

تعد الرياضيات من بين أقدم العلوم التي عرفها الإنسان على الإطلاق، في الوقت الذي ارتبط ظهور العلوم التجريبية بانفصال العلوم عن الفلسفة وصولا إلى العلوم الإنسانية، التي تعتبر آخر العلوم تحررا من التفكير الفلسفي، غير أن المشكل ليس مرتبطا بالأسبقية الزمنية، وإنما في علاقة الرياضيات بالعلوم التجريبية، لذا فإذا كان التعاقب الزمني بينهما يدل على وجود الاختلاف، فهل يعني هذا انتفاء أي نقاط التشابه بينهما؟ ثم ما طبيعة العلاقة القائمة بين الرياضيات والعلوم التجريبية؟.

محاولة حل المشكلة

أوجـه الاختلاف:

تختلف العلوم التجريبية عن الرياضيات في مستويات عدة: فمن جهة التعريف سميت بالعلوم التجريبية لاعتمادها أسلوب منهجي يقوم ببناء وتنظيم المعرفة في شكل تفسيرات وتوقعات قابلة للاختبار حول ظواهر المادة المختلفة، في الوقت الذي تعرف الرياضيات بأنها العلم العقلي المجرد، الذي يدرس الكم من خلال صياغته في قضايا رمزية لزم بعضها عن بعض لزوما منطقيا. موضوع الرياضيات هو الكم بنوعيه المتصل والمنفصل أو المقادير القابلة للقياس "الأشكال الهندسية والأرقام"، بينما تدرس العلوم التجريبية المادة بأشكالها المختلفة حية أو جامدة الظواهر الطبيعية المحسوسة، فالفيزياء مثلا تدرس التغيرات التي تطرأ على المادة، كالحرارة والكهرباء، والضوء، والمغناطيس، أما بالنسبة للمنهج فتعتمد الرياضيات منهج فرضي استنتاجي، بينما تعتمد العلوم التجريبية على المنهج التجريبي أي الملاحظة والفرضية والتجربة. من جهة النتائج الرياضيات تمتاز بالدقة إذ يقول بليز باسكال: "إن الهندسة هي العلم الوحيد من العلوم الإنسانية التي تنتج نتائج معصومة عن الخطأ". كما يقول كلود برنارد: "إن مبدأ العالم الرياضي مبدأ مطلق لأنه لا ينطبق على العالم الموضوعـي". أما العلوم الطبيعية فإنها علوم نسبية احتمالية ترجيحية ، وفي هذا قال كلود برنارد: "إن الاستدلال التجريبي يبقى من طبيعته دائما ارتيابيا"، تعتمد الرياضيات على أسس ومبادئ عقلية لتأكيد نتائجها وصدق براهينها، في الوقت الذي تستند العلوم التجريبية إلى مبادئ عقلية قبلية مثل الحتمية والسببية لتعميم نتائجها، المعرفة التجريبية معرفة استقرائية تنتقل من احكام جزئية لتصل إلى حكم عام، أما الرياضيات فهي حكم استنتاجي ينتقل من عام إلى خاص.

أوجــه الاتفـاق:

وجود اختلاف بين العلوم التجريبية والرياضيات لا يمنع من قيام نقاط تشابه بينهما، فالرياضيات والعلوم الطبيعية كلاهما يعتمد على مبادئ أولية قبلية سابقة عن التجربـة، فالرياضي والتجريبي ينطلقان من منطلقات هي عند الرياضي بديهيات ومصادرات، وعند المجرب افتراضات. يقول برنارد: "لا توجد بالنسبة للفكر إلا كيفية واحدة للاستدلال، كما أنه لا توجد للجسم سوى كيفية واحدة في المشي". كلاهما يثير في الإنسان التفكير والسعي نحو تحصيل نتائج ومعارف جديدة، كلاهما يثير توتر الإنسان العقلي والمنطقي والانفعالي، كلاهما وسيلة فعالة في رقي المجتمعات وتحضرها وتقدمها


مواطن التداخـل:


لا تختلف علاقة الرياضيات والعلوم الطبيعية عن علاقة الاستقراء والاستنتاج. فالعلوم التجريبية تعتمد على الاستنتاج الرياضي في صياغة قوانينها والتعبير عن العلاقات بين ظواهرها المختلفة مما دفع بغاليلي إلى القول: "إن الطبيعة مكتوبة بحروف لن يفهمها إلا من كان رياضيا"، ليس هذا فقط بل حاولت ان تعتمد لغتها الرمزية ومنهجها الاستنتاجي، طلب للدقة.



حل المشكلة:


إن العالم التجريبي يتأثر بالرياضي حينما يصوغ قوانينه بشكل رياضي و الرياضي يزداد يقينا حينما تثبت التجربة صحة استدلاله ،كما أن المفاهيم الرياضية تصورات خاوية ما لم تجسدها العلوم التجريبية، لكن رغم هذا فإن حاجة التجريبي للرياضي أشد لأن تقدم العلم يقاس بمدى اعتماده على الرياضيات وقد قال ليفي لويلون: "بأن الفيزياء لا تطبق الرياضيات فقط لكنها تتضمنها" .
google-playkhamsatmostaqltradent