السؤال:
قارن بين التفكير العلمي والتفكير الفلسفي.
الطريقة مقارنة
حياة الانسان ينظر إليها من جهة أسبابها وعوامل استمرارها والحفاظ عليها، كما ينظر إليها من جهة مقاصدها، وأهدافها والغاية منها، يهتم التفكير الفلسفي بالغايات والمقاصد والأهداف، بينما تهتم المعرفة العلمية بعوامل الاستمرار وأسباب البقاء، مما يوحي بوجود تمايز كبير بين التفكيرين، فهل معني هذا انتفاء أي تشابه بينهما، ثم ما طبيعة العلاقة بين التفكير العلمي والتفكير الفلسفي؟
محاولة حل المشكلةيختلف العلم عن الفلسفة في مستويات عديدة منها التعريف حيث يمكن القول عن العلم بأنه أسلوب منهجي يقوم ببناء وتنظيم المعرفة في شكل تفسيرات وتوقعات قابلة للاختبار حول ظواهر المادة المختلفة، أما الفلسفة فهي دراسة الأسئلة العامة والأساسية عن الوجود والمعرفة والقيم والعقل والاستدلال واللغة. هدف المعرفة العلم وصف الظواهر وكيفية حدوثها، أما التفكير الفلسفي فهو يحاول البحث فيما وراء الظواهر وعللها البعيدة وأصولها القصوى، المعرفة العلمية موضوعية تجريبية والفلسفة ذاتية شخصية أو تأملية ونظرية، تعتمد المعرفة العلمية على الأبحاث والتجارب والملاحظات، في الوقت الذي يعتمد التفكير الفلسفي على العقل فقط ،التفكير العلمي جزئي بينما التفكير الفلسفي كلي، لأن الفلسفة تدرس الوجود من حيث هو وجود كلي عام، ولا تهتم بالجزئيات والتفاصيل، أما العلم فله في كل فرع وموضوع تخصص جزئي محدود، كما أنه يعتمد على مفهوم العينة أو المقدار موضوع الدراسة، التفكير العلمي إمبريقي، حدوده حدود العالم المحسوس، أما التفكير الفلسفي فإنه ميثافيزقي فهو يتجاوز تلك الحدود إلى ما فوقها. وهي التفكير الثاني على حد تعبير بعض الفلاسفة. الأحكام العلمية أحكام تقريرية، بمعنى أنها لا تقرر أكثر مما هو موجود في الواقع الخارجي، أما الأحكام الفلسفية فبعضها معياري، وبعضها فردي لا يعبأ بما عليه الواقع.
أوجه التشابه:
وجود مستويات اختلاف بين المعرفة العلمية والتفكير الفلسفي لا يعني بالضرورة انتفاء أي تشابه بينهما فكلاهما صادر عن فضول الأنسان ورغبته الملحة في المعرفة والكشف عن كل ما يجهله من حوله، كلاهما يولد في نفس الإنسان الدهشة والإحراج والإجلال لكل الظواهر لم يتمكن من فهمها أو تفسيرها، كلاهما تفكير منهجي يعتمد على خطوات محددة وطرق وأساليب معينة، كلاهما يعبر عنه في صياغة استفهامية، كلاهما يعد أهم أسباب تطور الأنسان المادية والحضارية.
مواطن التداخل:
المتأمل في واقع الإنسان سيدرك أن الظواهر من حوله إما مادية حسية ملائمة للتفكير العلمي، وإما معنوية معقولة أكثر ملاءمة للتفكير الفلسفي، لذا فمن الخطأ الفادح الاعتقاد بأن العلم يغني عن الفلسفة، أو أن الفلسفة تغني عن العلم، بل سيظل لكل منهما مسارا منفصلا عن الآخر، ومصدرا للمعرفة والوعي العميق بالعالم، وسيظلان آليتين للبحث والتناول لا يمكن للبشرية أن تستغني عنهما، بالنظر إلى مجاليها المختلفين، وفي هذا يقول كاريل اليكسس" ولقد أدى جهلنا بأنفسنا إلى تزويد علم الميكانيكا والطبيعة والكيمياء بالقوة التي مكنتها من تعديل أشكال حياة أسلافنا كيفما أتفق ... فإن التقدم الضخم الذي أحرزته علوم الجماد على علوم الحياة هو إحدى الكوارث التي عانت منها الإنسانية".
حل المشكلة
طبيعة الاختلاف القائم بين المعرفة العلمية والتفكير الفلسفي يفرضه طبيعة موضوع كل منهما ومجالاته وميادينه، ورغم ذلك فلا يصل الترابط بينهما على مستوى التنافر والتناقض، ذلك أن حقيقة ما يجمع بينهما هو التكامل في الدور والتداخل في الوظيفة.