قيل: "أن منهج المؤرخ منهج استقرائي، تتوفر فيه خصائص الروح العلمية" دافع عن صحة هذه الأطروحة.
طرح المشكلة:
تنطلق الدراسات العلمية باختلاف مضمونها من مرحلة البحث حيث تحرك العلماء أسئلة وإشكالات محيّرة تقودهم إلى مرحلة الكشف من خلال ملاحظات وفرضيات وتجارب سرعان ما تنقلب إلى قوانين علمية، لذا فقد شاع الزعم أن تحقيق العلمية في دراسة الظواهر التاريخية، أمر غير ممكن، غير أن هذا الرأي سرعان ما اصطدم بالاتجاه الوضعي في العلوم الإنسانية، الذي يرى أن ظواهر التاريخ، يمكن أن تكون موضوعا خصبا للدراسة العلمية. فكيف يمكننا إثبات صحة الأطروحة هذه الأطروحة؟ وما هي الحجج التي تؤكد قابليتها للدفاع والتبني؟
محاولة حل المشكلة:
عرض منطق الأطروحة:
يرى "ابن خلدون" أنصار النزعة الوضعية في العلوم الإنسانية، "رينان" و"فوستال دي كولانج" أن الظواهر التاريخية موضوعا مناسبا للمعرفة العلمية، ومنهج المؤرخ منهج استقرائي واقعي تتوفر فيه خصائص الروح العلمية، بالإضافة إلى خطوات التجريب كالملاحظة والفرضية والتجربة.
ومما يؤكد ذلك أن منهج المؤرخين يعتمد على أربعة خطوات أساسية، بداية من جمع المصادر والوثائق سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة، لكن مع ذلك تظل ضرورية قال عنها "سنيويوس" (لا وجود لتاريخ دون وثائق وكل عصر ضاعت وثائقه يضل مجهولا إلى الأبد) لينتقل بعدها إلى التحليل والنقد، حيث يستعين المؤرخ بـالتحليل الكيميائي "استعمال كربون 14" للتأكد من العمر الزمني للوثيقة دون أن ينسى نقد مضمونها، الذي يعد شرطا الموضوعية قال "ابن خلدون" (النفس إذا كانت على حالة من الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر) وصولا إلى مرحلة إعادة تركيب وبناء الظواهر التاريخية ترتيبا زمنيا ومنطقيا، ولا تقف الدراسة التاريخية عند تسلسل الأحداث وترتيبها، لكنها تربطها بما سبقها من أحداث، لتتوقع ما سيكون عليه مستقبل هذه الحادثة أو تلك.
الدفاع عنها بحجج شخصية:
الأطروحة القائلة بموضوعية الظواهر التاريخية أطروحة صحيحة يصدقها العقل ويثبتها الواقع، فقد يستعين المؤرخ بتجربة القياس والمقارنة، في حال وجود ثغرات ضمن حادثة ما كما فعل "مارك بلوخ" في دراسته التاريخية على الإقطاع عندما قارن بين دول أوربية مختلفة مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا، ليستنتج أن ظهور الإقطاع مرتبط بالزراعة واختفائه مرتبط بالصناعة،
الرد على الخصوم:
يعتقد بعض الفلاسفة التجريبيين والابستمولوجيين أن أحداث التاريخ ليست موضوعا للمعرفة العلمية، لأن مادة التاريخ تفرز
عوائق منهجية كثيرة أهمها تدخل الذاتية وما تتضمنه من أفكار وأحكام مسبقة وأحكام، وقد عبر"جون ديوي" عن هذا قائلا "تناول الباحثين للمشكلات الإنسانية من ناحية الاستهجان والاستحسان الخلقيين ومن ناحية الخبث والطهر عقبة في طريق الدراسات التاريخية".ثم إن الحادثة التاريخية فريدة من نوعها تتكرر يقول "عبد الرحمن الصغير":"النظرية العلمية تشترط ملاحظة الوقائع من أجل اكتشاف القوانين فالحادث البيولوجي يمكن ملاحظته أما الحادث التاريخي فلا يمكن بلوغه".
غير أن هذا الموقف يفتقر إلى الطرح الموضوعي لأن ربط التاريخ بالتأمل الفلسفي الخالص أمر يفنده العقل والواقع معا، ومن جهة أخرى لايمكن تحديد مختلف العوائق، ومن ثمة الوقوف منها موقف سلبي، أو بعبارة أخرى لا يمكن الاهتمام بالمنهج على حساب الموضوع، خاصة ونحن نرى كيف استطاع المؤرخون أن ينقلوا الكثير من الأحداث الماضية بأمانة وصدق، بفضل التجريب في هذا العلم
حل المشكلة:
الرد على الخصوم:
يعتقد بعض الفلاسفة التجريبيين والابستمولوجيين أن أحداث التاريخ ليست موضوعا للمعرفة العلمية، لأن مادة التاريخ تفرز
عوائق منهجية كثيرة أهمها تدخل الذاتية وما تتضمنه من أفكار وأحكام مسبقة وأحكام، وقد عبر"جون ديوي" عن هذا قائلا "تناول الباحثين للمشكلات الإنسانية من ناحية الاستهجان والاستحسان الخلقيين ومن ناحية الخبث والطهر عقبة في طريق الدراسات التاريخية".ثم إن الحادثة التاريخية فريدة من نوعها تتكرر يقول "عبد الرحمن الصغير":"النظرية العلمية تشترط ملاحظة الوقائع من أجل اكتشاف القوانين فالحادث البيولوجي يمكن ملاحظته أما الحادث التاريخي فلا يمكن بلوغه".
غير أن هذا الموقف يفتقر إلى الطرح الموضوعي لأن ربط التاريخ بالتأمل الفلسفي الخالص أمر يفنده العقل والواقع معا، ومن جهة أخرى لايمكن تحديد مختلف العوائق، ومن ثمة الوقوف منها موقف سلبي، أو بعبارة أخرى لا يمكن الاهتمام بالمنهج على حساب الموضوع، خاصة ونحن نرى كيف استطاع المؤرخون أن ينقلوا الكثير من الأحداث الماضية بأمانة وصدق، بفضل التجريب في هذا العلم
حل المشكلة:
الحادثة التاريخية حادثة إنسانية، غير أنها قابلة للملاحظة والتجريب العلمي، من خلال منهج يجمع بين التأمل والنقد وبين الاستنتاج والاستقراء قال "ابن خلدون"معبرا عن حقيقة هذا العلم: "التاريخ في باطنه نظرة وتحقيق وتحليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميقة" وعليه فإن الأطروحة القائلة "" مشروعة وقابلة للدفاع عن والأخذ بها.